قصة حين سُخّر الشيطان للخير

في عالم مليء بالتحديات والظروف الصعبة، تظل القصص الواقعية هي الأكثر تأثيرًا، إذ تلامس القلوب وتزرع في النفوس الأمل.قصة حين سُخّر الشيطان للخير هي إحدى تلك القصص التي تجمع بين الألم والإيمان، وتُظهر كيف يمكن للخير أن يظهر من أماكن غير متوقعة. قصة عن امرأة فقدت كل شيء لكنها ظلت ثابتة في إيمانها بأن الخير سيجد طريقه، حتى وإن جاء من حيث لا نحتسب.
في هذه القصة، نرى كيف يمكن للظروف القاسية أن تُظهر أفضل ما في الإنسان، وكيف يمكن للإيمان أن يغير مسار حياتنا بالكامل. كما تسلط القصة الضوء على مفهوم التسامح، وتوضح لنا كيف يمكن أن نُسخر حتى الصعوبات في سبيل الخير.
قصة حين سُخّر الشيطان للخير
كان المساء قد خيَّم على المدينة، والهواء يحمل رطوبة الخريف المميزة. في مبنى محطة الإذاعة المحلية “صوت المجتمع”، كانت أضواء استوديو البرنامج المباشر “قلوب مفتوحة” لا تزال مضاءة رغم تأخر الوقت.
مريم السيدة الأربعينية ذات الصوت الدافئ، منشطة البرنامج، كانت تستمع بإنصات شديد إلى متصلة ترتجف نبرات صوتها. كانت المتصلة امرأة تُدعى فاطمة، أرملة في الثلاثينيات من عمرها، فقدت زوجها قبل أشهر قليلة في حادث عمل مأساوي، وتركها وحيدة مع ثلاثة أطفال في سن الدراسة.
“والله يا أختي ما كنت أريد أن أتصل، لكن الوضع صعب جداً…” قالت فاطمة بصوت متقطع. “زوجي كان هو المعيل الوحيد، والتعويض لم يصل بعد. لا أستطيع توفير المصاريف الأساسية لأولادي. المدارس بدأت والأولاد بحاجة إلى كتب وملابس، وإيجار الشقة متراكم عليّ…”
“معك حق يا فاطمة، وكلنا إخوة في هذا المجتمع. هل يمكنك مشاركتنا برقم هاتفك حتى نتواصل معك لاحقاً؟” سألت مريم بلطف.
فيما كان صوت فاطمة يخترق الأثير، كان سامر السمّان، رجل الأعمال الأربعيني، يستمع للبرنامج في سيارته الفارهة أثناء عودته من اجتماع متأخر. كان سامر معروفاً في دوائره بإلحاده المعلن وسخريته المستمرة من المتدينين. ظل يستمع قليلاً، وعندما انتهت المكالمة، ابتسمت شفتاه بمكر.
أخرج هاتفه وطلب رقم المحطة الإذاعية.
“مساء الخير، أنا رجل أعمال وأود المساهمة في مساعدة السيدة فاطمة التي تحدثت للتو. هل يمكنني الحصول على عنوانها؟” قال سامر بنبرة مهذبة مصطنعة، مخفياً نواياه الحقيقية.
في صباح اليوم التالي، استدعى سامر سكرتيرته رنا لمكتبه الفخم في الطابق العاشر من برج زجاجي وسط المدينة.
“أريدك أن تذهبي إلى هذا العنوان،” قال وهو يناولها ورقة صغيرة. “اشتري كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية، وألعاباً للأطفال، وملابس مدرسية، ومبلغاً مالياً كافياً لتغطية إيجار عدة أشهر.”
توقفت رنا مندهشة، فهي لم تعتد على مثل هذه الطلبات من مديرها المعروف بحرصه الشديد على المال.
“ولكن هناك شرط واحد،” تابع سامر وعيناه تلمعان بمكر. “عندما تسلمين كل هذه الأشياء للسيدة، أخبريها أن كل هذه المساعدات مقدمة من الشيطان.”
سألت رنا مستغربتا من الشيطان؟
“نعم، أريد أن أرى إن كان إيمانها بالله سيمنعها من قبول المساعدة عندما تعرف أنها من الشيطان.” ضحك سامر بصوت عالٍ. “هؤلاء المتدينون يتحدثون كثيراً عن الإيمان، دعنا نرى كم يصمدون أمام الإغراء!”
رنا لم تكن مرتاحة للفكرة، لكنها كانت بحاجة إلى وظيفتها.
بعد ظهر ذلك اليوم، وقفت رنا أمام شقة متواضعة في حي شعبي. طرقت الباب بتردد. فتحت لها امرأة نحيلة يبدو على وجهها آثار التعب والقلق، لكن عينيها كانتا تشعان بكرامة ورقة.
سألت رنا, السيدة فاطمة؟.
“نعم، أنا فاطمة. بمن أتشرف؟”
خلف فاطمة، كان يقف ثلاثة أطفال يختلسون النظر بفضول إلى الزائرة الجديدة.
“لقد سمعت اتصالك بالإذاعة أمس، وجئت لأقدم لك بعض المساعدة،” قالت رنا وهي تشير إلى الرجلين اللذين كانا يحملان صناديق وأكياساً كثيرة خلفها.
اتسعت عينا فاطمة بدهشة عندما رأت كمية المواد التي أُحضرت إلى منزلها. كان هناك طعام يكفي لشهور، وملابس جديدة للأطفال، وحقائب مدرسية، ومغلف سميك من المال.
“يا إلهي! هذا كثير جداً… لا أعرف كيف أشكرك…” تلعثمت فاطمة بكلماتها والدموع تترقرق في عينيها.
رنا نظرت إلى المشهد المؤثر أمامها، وتذكرت كلمات مديرها. فجأة شعرت بعدم الارتياح، لكنها قررت أن تمضي في الخطة.
ابتسمت رنا ، وقالت : “ألا تريدين معرفة تفاصيل أكثر عن المرسل؟”
“ألا يهمك أن تعرفي من أرسل لك هذا الطعام؟” سألت رنا بحيرة.
رفعت فاطمة نظرها نحو السماء، ثم أجابت بثقة: “لا يهمني فالله إذا أراد شيئاً سخر حتى الشياطين لتحقيقه.”
شعرت رنا بقشعريرة تسري في جسدها. لم تتوقع هذا الرد الهادئ المليء بالإيمان. أخذت تساعد فاطمة في ترتيب المؤن، وهي تتأمل في كلماتها البسيطة العميقة.
عندما عادت رنا إلى المكتب، كان سامر ينتظرها بفارغ الصبر.
سأل بلهفة”ها، ما الذي حدث؟ هل رفضت المساعدة؟”.
أجابت رنا بهدوء. لا، لم ترفض،وعندما أخبرتها ألا يهمك أن تعرفي من أرسل لك هذا الطعام؟، قالت إن الله يسخر حتى الشياطين لتحقيق مراده.”
اتسعت عينا سامر بدهشة، ثم أخذ يضحك بعصبية، لكن ضحكته سرعان ما خفتت. جلس على كرسيه المكتبي، غارقاً في التفكير.
أضافت رنا “كانت تنظر إليّ بعينين صافيتين، يا سيد سامر. لم أرَ فيهما غضباً أو استياءً، بل رأيت… سلاماً.
ظل سامر صامتاً. تلك الليلة، وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، شعر بشيء يحرك أعماقه. هل كان ندماً؟ أم كان فضولاً لفهم هذا الإيمان القوي الذي يمنح مثل هذه السكينة لامرأة في ظروف قاسية؟
قرر أن يستمع مرة أخرى إلى برنامج “قلوب مفتوحة” في الليلة التالية. ربما، فقط ربما، كان هناك شيء أكبر يستحق الاستكشاف.
“لو كنت مكان فاطمة، وعلمت لاحقاً بنية سامر الحقيقية، كيف ستكون ردة فعلك؟”
هل تغير سامر فعلاً بعد هذه الحادثة؟
خاتمة: دعوة للمشاركة ونشر الأمل
قصتنا هذه هي تذكير لنا جميعًا بأهمية الإيمان في الأوقات الصعبة وكيف أن الخير قد يأتي من أماكن غير متوقعة.
إذا كانت هذه القصة قد أثرت فيك أو تركت في قلبك علامة، فلا تتردد في مشاركتها مع من حولك. دعونا نتشارك الأمل والإيجابية، ونستمر في نشر القصص التي تحمل رسائل قوية. شارك القصة مع أصدقائك وكون جزءًا من هذا الأثر الطيب!