حين أراد أن يرمي أباه… فكانت الصدمة

تبقى القصص الواقعية التي تحمل دروسًا في الحياة ذات تأثير عميق في النفس. ومن بين هذه القصص، تبرز قصة حقيقية عن شاب قرر التخلص من والده في الصحراء، لكنه لم يكن يتوقع أن يتلقى صدمة ستغير مجرى حياته إلى الأبد. هذه القصة ليست فقط حكاية مؤثرة عن العقوق، بل أيضًا عن الندم والتسامح. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذه القصة الواقعية ونكشف عن الدروس التي يمكن أن تغير نظرتنا للحياة والعلاقات الأسرية.
قصة حين أراد أن يرمي أباه… فكانت الصدمة
في ظهيرة يوم قائظ، كانت الشمس تلقي بسهامها الحارقة على رمال الصحراء الممتدة بلا نهاية. الهواء جاف، والأفق متلألئ من شدة الحرارة. سار الأب والابن في سيارة قديمة تصدر أزيزًا متقطعًا، تخترق الصحراء بصعوبة. كان وجه الأب مجعدًا، غطاه تعب السنين، بينما بدت نظراته هادئة رغم كل شيء. أما الابن، فكان متوترًا، يتجنب النظر في عيني والده، وكأن الذنب يثقل كاهله.
ظل الأب ينظر إلى الرمال الصفراء الممتدة ويبتسم ابتسامة خفيفة، ثم بدأ يتحدث بصوت متماسك: “أتعلم، يا بني، هذا الطريق كنت أسلكه كثيرًا في شبابي… كانت الصحراء أكثر وحشة، لكن كانت تحمل في طياتها الكثير من الأسرار.”
أجابه الابن ببرود: “أجل يا أبي… الصحراء ما زالت كما هي.”
تجاهل الأب نبرة البرود، وأكمل: “كان والدي يحدثني عن هذه الصخور… كان يقول إنها شاهدة على قصص كثيرة، قصص من بقوا ومن رحلوا.”
ظل الابن صامتًا، يضغط على المقود بيدين متوترتين. وصلوا إلى صخرة كبيرة، تلوح في الأفق كشاهد صامت على الزمن. أوقف الابن السيارة، وأدار وجهه إلى أبيه قائلاً بارتباك: “أبي… سنرتاح هنا قليلاً.”
ابتسم الأب، وكأن ابتسامته تخفي آلاف الكلمات، ثم قال: “إن كان ولا بد… دعني أجلس عند تلك الصخرة الكبيرة.”
تعجب الابن وسأله: “لماذا هناك تحديدًا؟”
أطرق الأب قليلًا قبل أن يرفع عينيه، وقال بنبرة ثقيلة: “لأنها نفس الصخرة التي تركت عندها أبي عندما كنت في مثل عمرك… ظننت أني أتخلص من عبء، لكن حملت ذنبي معي سنوات.”
تجمد الابن، وارتسمت على وجهه علامات الصدمة والخجل. شعر بأن الأرض تميد تحت قدميه، وتمنى لو يبتلعه الرمل. نظر إلى وجه والده المرهق، رأى فيه الألم، لكن رأى أيضًا شيئًا من الدعابة الخفيفة التي تخفف وطأة الصدمة.
قال الأب مبتسمًا، بتهكم خفيف: “على الأقل اخترت مكانًا جيدًا، الصخرة كبيرة وتوفر بعض الظل.”
ضحك الابن رغم اختناقه، وأجاب: “أظن أنني فشلت حتى في أن أكون قاسيًا… هيا بنا نعود إلى البيت، يا أبي.”
تحركت السيارة ببطء عائدة، وفي داخلها حكاية ستظل محفورة في قلب الابن ما دام حيًّا. كانت الرحلة التي بدأت بخطة قاسية، وانتهت بدروس لا تُنسى، عن الرحمة والندم… والمغفرة.
الخاتمة:
تُعلمنا هذه القصة الواقعية درسًا عظيمًا عن البر والرحمة. فالقرارات القاسية قد تترك أثرًا لا يُنسى في النفس، لكن مواجهة الحقيقة والتفكير بالعواقب يمكن أن ينقذنا من الندم الأبدي. لقد أدرك الابن في لحظة فارقة أن ما خطط له كان سيرتد عليه يومًا ما، فاختار أن يتراجع قبل فوات الأوان. فالعلاقات الأسرية ليست مجرد روابط دم، بل هي روابط قلبية مبنية على الوفاء والتقدير.
وفي النهاية، لنتذكر دائمًا أن البر بالوالدين ليس فقط واجبًا دينيًا وأخلاقيًا، بل هو استثمار في البركة والرضا في الحياة. فكما تُعامل اليوم، ستُعامل غدًا.
إذا لامست هذه القصة قلبك، لا تتردد في مشاركتها مع من تحب، لعلها تصل إلى من يحتاجها.